وصلني سؤال يقول:
هل تجوز الصدقة عن الأحياء؟
الجواب:
الصدقة عن الغير جائزة سواء كان حياً أو ميتاً، وسواء كانت هذه الصدقة بمعرفته أو بدون معرفته، والشرط فيها أن ينوى المتصدق عند إخراجها أن الثواب لفلان، ويكون أجرها للمتصدق عنه, وأما المتصدق نفسه فإن من أهل العلم من ذهب إلى أن الله يعطيه مثل أجر من تصدق عليه، ومنهم من يرى أن ثواب ذلك العمل لمن أهدي له, وأما العامل فله أجر إحسانه إلى من أهداه له.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (من صام أو صلى أو تصدق، وجعل ثوابه لغيره، من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة، ويحصل له الثواب بنيته له قبل الفعل، أهداه أو لا، ولكن تخصيص صاحب الطاعة نفسه أفضل، ويدعو كما ورد في الكتاب والسنة، وأجمعت عليه الأمة، واعتبر بعضهم إذا نوى الثواب حال الفعل أو قبله، واستحب بعضهم أن يقول: اللهم اجعل ثوابه لفلان. ويثاب كل من المهدي والمهدى له). (حاشية الروض المربع 3/139).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أئمة الإسلام متفقون على انتفاع الميت بدعاء الخلق له، وبما يعمل عنه من البر، وهذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، وقد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فمن خالف ذلك كان من أهل البدع، وأما الحي فيجزئ، عند عامتهم، ليس فيه إلا اختلافًا شاذًا، وما تقدم لا ينافي قوله { وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} ولا قوله «إذا مات ابن آدم انقطع عمله» الخ، لأن ذلك ليس من عمله، والله تعالى يثيب هذا الساعي، وهذا العامل على سعيه وعمله، ويرحم هذا الميت بسعي هذا الحي، وعمله بسعي غيره، وليس من عمله.(حاشية الروض المربع 3/139).
وقال الإمام البهوتي رحمه الله: وكل قربة فعلها المسلم وجعل ثوابها أو بعضها كالنصف ونحوه لمسلم حي أو ميت جاز ونفعه لحصول الثواب له.. من تطوع وواجب تدخله النيابة كحج ونحوه أو لا، أي لا تدخله النيابة كصلاة وكدعاء واستغفار وصدقة وأضحية وأداء دين وقراءة وغيرها.(كشاف القناع 2/147). والله أعلم.
ومما سبق يتبين لنا جواز الصدقة عن الغير، وسائر أعمال الخير والبر عنهم، وأنه يصل ثوابها إليهم، سواء كانوا أحياء أو أموات، ولكن لا بد للمتصدق من النية عن إخراج الصدقة أنها لفلان. والله أعلم.