مـــنــتـدى الدكتور أحمد عرفة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مـــنــتـدى الدكتور أحمد عرفة


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الضرورة الشرعية وضوابطها (1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 708
تاريخ التسجيل : 04/05/2011
العمر : 39

الضرورة الشرعية وضوابطها (1) Empty
مُساهمةموضوع: الضرورة الشرعية وضوابطها (1)   الضرورة الشرعية وضوابطها (1) Emptyالجمعة أكتوبر 28, 2016 8:04 pm

الضرورة الشرعية وضوابطها (1)
لقد أصبحت الضرورة في العصر الحاضر حديث الناس، وموطن اشتغالهم وعنايتهم، ومحط آمال استفتاءاتهم وأسئلتهم العلماء، سواء على المستوى الفردي، أم على المستوي الجماعي أو الدولي. (نظرية الضرورة الشرعية للزحيلي صـ9).
ومع كثرة الاحتجاج بالضرورة في مكانها الطبيعي وفي غير مكانها، لا سيما في عصرنا الحاضر بقصد إباحة المحظور، وترك الواجب، تحت ستار مبدأ التخفيف والتيسير على الناس، دون التَّقيد بضوابط الضرورة، أو للجهل بأحكامها، وبالحالات التي يصح التمسك بها عند وجود مقتضياتها.(نظرية الضرورة صـ12).
لذلك فإن حد الضرورة الشرعية أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطأ أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذي بالنفس، أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها، ويتعين عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته، دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع.(نظرية الضرورة صـ64).
وقد تواترت الأدلة من الكتاب والسنة على مراعاة الشريعة الإسلامية لحالات الضرورة، ومن ذلك قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(البقرة 173)، وما أخرجه ابن ماجة في سننه بسند صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار)، وهذا الحديث قاعدة عظيمة عند أهل العِلم، مع قصر ألفاظه واختصار كلماته إلا أنه يشتمل على قواعد وليس على قاعدة واحدة، والمعنى أن الشريعة الإسلامية كما تمنع حصول الضرر عليه، فهي تمنع حصول الضرر منه، فتحقق المصلحة للجميع، وبصورة أوضح أن من وقع عليه ضرر نرفعه ونقول لا ضرر عليك، فإن أراد أن يسيء لمن أضر به، قلنا: ولا ضرار، ومثاله ما لو أتلف شخص ماله، فلا يتلف هو ماله لأن الضرر لا يزال بالضرر، فنقول لا ضرر عليك فتجب لك عليه القيمة، ولا ضرار عليه بأن تتلف ماله، أو تزيد على أخذ حقك.
وبكل حال فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الضرر والضرار بغير حق. فأما إدخال الضرر على أحد بحق ، إما لكونه تعدى حدود الله ، فيعاقب بقدر جريمته، أو كونه ظلم غيره، فيطلب المظلوم مقابلته بالعدل، فهذا غير مراد قطعاً، وإنما المراد: إلحاق الضرر بغير حق، وهذا على نوعين: أحدهما: أن لا يكون في ذلك غرض سوى الضرر بذلك الغير، فهذا لا ريب في قبحه وتحريمه.(جامع العلوم والحكم صـ207).
فوقوع الضرورة لون من ألوان المشقة التي تستدعي تيسيراً وتسهيلاً في هذا الدين، وذلك أيضاً سبب من أسباب الترخص، فتدخل الضرورة لذلك في باب الرخص، وبالنظر في الدليل المحرّم نجد أن الضرورة حالة استثناء توجب العدول عن العمل وفق هذا الدليل، وهذا هو الاستحسان، وإذا نظرنا إلى جدوى العمل بالضرورة أدركنـا أنهـا ولا شك تحقق مصلحة راجحة، فهي داخلة في باب المصالح، كما أنها تدرأ ضرراً ومفسدة، فهي بهذا تندرج تحت قاعدة (الضرر يزال).
ويفهم مما سبق أنه لا بد للضرورة من ضوابط وشروط تتحقق فيها، حتى يصح الأخذ بحكمها وتخطى القواعد العامة في التحريم والإيجاب بسببها، ومن هذه الضوابط ما يلي:
1-أن تكون الضرورة قائمة لا منتظرة، وبعبارة أخرى أن يحصل في الواقع خوف الهلاك أو التلف على النفس أو المال، وذلك بغلبة الظن حسب التجارب، أو يتحقق المرء من وجود خطر حقيقي على إحدى الضروريات الخمس. فيجوز حينئذ الأخذ بالأحكام الاستثنائية لدفع الخطر، ولو أدى ذلك إلى إضرار الآخرين، عملاً بقاعدة "إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما" فإذا لم يخف الإنسان على شيء مما ذكر لم يبح له مخالفة الحكم الأصلي.
2- ألا يكون لدفع الضرر وسيلة أخرى من المباحات إلا المخالفة، بأن يوجد في مكان لا يجد فيه إلا ما يحرم، ولم يكن هناك شيء من المباحات يدفع به الضرر عن نفسه، حتى ولو كان الشيء مملوكاً للغير، فلو وجد مثلاً طعاماً لدى آخر فله أن يأخذه بقيمته، وعلى صاحب الطعام أن يبذله له.
3-أن يكون في حالة وجود المحظور مع من المباحات، أي في الحالات المعتادة عذر يبيح الإقدام على الفعل الحرام، وبعبارة أوجز أن تكون الضرورة ملجئة بحيث يخشى تلف النفس والأعضاء، كما لو أُكره إنسان على أكل الميتة بوعيد يخاف منه تلف نفسه أو تلف بعض أعضائه، مع وجود الطيبات المباحة أمامه، أو يخاف إن عجز عن المشي وانقطع عن الرفقة، أو عجز عن الركوب هلك.
4-ألا يخالف المضطر مبادئ الشريعة الإسلامية الأساسية، من حفظ حقوق الآخرين، وتحقيق العدل وأداء الأمانات، ودفع الضرر، والحفاظ على مبدأ التدين وأصول العقيدة الإسلامية، فمثلاً لا يحلُّ الزنا والقتل والكذب والغصب بأي حال؛ لأن هذه مفاسد في ذاتها.
5-أن يقتصر فيما يباح تناوله للضرورة في رأي جمهور الفقهاء على الحد الأدنى أو القدر اللازم لدفع الضرر؛ لأن إباحة الحرام ضرورة، والضرورة تقدر بقدرها.
6-أن يصف المُحرم –في حالة ضرورة الدواء- طبيب عدل ثقة في دينه وعلمه، وألا يوجد من غير المحرم علاج أو تدبير آخر يقوم مقامه حتى يتوافر الشرط السابق، وهو أن يكون ارتكاب الحرام متعيناً. (نظرية الضرورة صـ67).
7-أن يتحقق ولي الأمر –في حال الضرورة العامة- من وجود ظلم فاحش، أو ضرر واضح، أو حرج شديد، أو منفعة عامة بحيث تتعرض الدولة للخطر، إذا لم تأخذ بمقتضى الضرورة.
8-أن يكون الهدف في حالة فسخ العقد للضرورة هو تحقيق العدالة، أو عدم الإخلال بمبدأ التوازن العقدي بين المتعاقدين.(نظرية الضرورة صـ68).
فإذا اجـتـمـعت هذه الضوابط في حالة ما، كانت هذه الحالة ضرورة شرعية يؤخذ بـهـــا ويسـتـنـد إلـيهـا، لكن العمل بالضرورة مع كونه واجباً لا بد فيه من ضابطين:
الضابط الأول: أن تقدر هذه الضرورة بقدرها، من حيث الزمان والمكان والكم والكيف، فلا بـد مـــن تحـديــد المقدار الذي يدفع الضرر ويحقق المصلحة؛ لأن جواز الأخذ بالضرورة مقصور على هذا المقدار، وما زاد على ذلك يبقى في حيز التحريم، فلا يأكل المضطر من الميتة إلا بالقدر الذي يسد رمقه، وما زاد فهو حرام.
الضابط الثاني: أن العمل بالضرورة مرتبط بقيام الضرر وتوقعه، فإن زال فلا ضرورة؛ لأن الأخذ بالضرورة استثناء وبدل كالتيمم لا يجوز مع وجود الماء؛ إذ الماء أصل والتيمم بدل، والعمل بالبدل لا يجوز مع وجود الأصل، فبمجرد زوال العذر وارتفاع الضرر أو اختلال أحد الضوابط يبطل العمل بالضرورة، والله من وراء القصد، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

د/ أحمد عرفة
باحث دكتوراه بجامعة الأزهر
عضو الجمعية السعودية
Ahmedaraf11@yahoo.com


نشر هذا المقال بجريدة صوت الأزهر في العدد الصادر بتاريخ 15/4/2016م.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://arafa123.yoo7.com
 
الضرورة الشرعية وضوابطها (1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـــنــتـدى الدكتور أحمد عرفة :: المــــقالات الفقـــــــــهـــية-
انتقل الى: